الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.مطلب في الشعر مليحه من قبيحه والآيات المدنيات: ثم إن رجلين أحدهما من الأنصار تهاجيا فيما بينهما ومع كل واحد غواة من قومه، فأنزل اللّه فيهم {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} المغالون في الكذب والباطل وتمزيق الأعراض والقدح في الأنساب ومدح من لا يستحق المدح وذم من لا يستوجب الذم، يعني أن هذا الذي يقوله هؤلاء لا يستحسنه إلا المتوغلون في الضلالة المنهمكون في الغواية، {أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ} فيتحدثون في جميع أنواع الكلام وأبوابه مما مصدره اللغو في الباطل ويخوضون بما فيه الكذب والزور من البهت والافتراء، والهائم هو الذاهب على وجهه بلا قصد معين وهذا تمثيل لذهابهم في كل شعب من القول، فتراهم يفضلون الجاهل على العالم، والجبان على الشجاع، والبخيل على الكريم، والكاذب على الصادق، والخائن على الأمين، والقبيح على الصبيح، والرذيل على الجميل لأدنى لفتة من وجيه أو دانق من مال، فلهذا تراهم حائرين، وعن الطريق السوي حائدين، ولسبل الضلال رائدين، سمع سليمان بن عبد الملك قول الفرزدق:فجاء به وقال وجب عليك الحد، قال ولم؟ قال لقولك هذا، قال قد درأه عني ربي قال وبم؟ قال بقوله عز وجل {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ} حيث وصفهم بالكذب وخلف القول والوعد، وان قولهم بهت، لأنه مباين لفعلهم.روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال: «لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا حتى يرثيه خير له من أن يمتلىء شعرا» ومعنى يرئيه يبلغ الرئة محل التنفس من الحلقوم، كناية عن شدة الامتلاء.واعلم ان القول بخلاف العمل مذموم ليس بالشعر فقط والشعراء بل في جميع القول والناس كافة، قال تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ} الآيتين 3 4 من سورة الصف في ج 3، ألا لينتبه الناس له ولا يخصوه بالشعر. .مطلب ما هو المحبوب من الشعر: واعلم أن هذا الذم الذي في هذه الآية في حق الكافرين ومن يحذو حذوهم في اشعاره، أما الذين لا يكذبون مثلهم فقد استثناهم اللّه تعالى بقوله: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} زيادة على إيمانهم، فإنهم لا يهجون أحدا ولا يمدحون بالباطل، ولا يندمون على مدح المستحق إذا لم ينالوا منه شيئا، لأنهم لا يقصدون إلا الحق والصدق إذا طرقوا مواضيع القول ومخازن الكلام وخاضوا في معاني القوافي، كعبد اللّه ابن رواحة وحسان بن ثابت وكعب بن زهير وكعب بن مالك رضي اللّه عنهم، الذين كانوا زمن الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ينافحون عنه ومن اقتفى أثرهم على نهجهم ومشى على خطتهم حتى الآن، روي أن كعب بن مالك قال للنبي صلّى اللّه عليه وسلم إن اللّه أنزل في الشعر ما أنزل «يعرض باجتنابه خشية أن يكون في عداد الشعراء المذمومين» فقال صلّى اللّه عليه وسلم: «إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النّبل» أي رميه.وعن أنس بن مالك أن النبي صلّى اللّه عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة يمشي بين يديه وهو يقول:فقال عمر يا بن رواحة بين يدي رسول اللّه وفي حرم مكة تقول الشعر:فقال صلّى اللّه عليه وسلم: «خل عنه يا عمر، فلهن أسرع فيهم من نضح النبل» أخرجه الترمذي والنسائي- وكان هذا سنة سبع من الهجرة.ومن قال إن القائل لهذين البيتين كعب بن مالك لأن عبد اللّه بن رواحة كان توفي قبل هذا، فقد اخطأ، لأن وفاته رحمه اللّه كانت في السنة الثامنة من الهجرة، وعمرة القضاء في السابعة منها بلا ريب، وروى البخاري ومسلم عن البراء أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال يوم قريظة لحسان: أهج المشركين، فإن جبريل معك، وروى البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها وعن أبيها قالت: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يضع لحسان منبرا في المسجد يقوم عليه قائما يناجز عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وينافح، ويقول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم إن اللّه ليؤيد حسانا بروح القدس ما نافح أو ناجز عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.وله رضي اللّه عنه أقوال كثيرة في الذب عن حضرة الرسول ومدحه، منها قصيدته التي يقول فيها: وروى البخاري عن بن كعب أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قال ان من الشعر لحكمة.وعن ابن عباس قال لما جاء اعرابي إلى النبي صلّى اللّه عليه وسلم فجعل يتكلم بكلام فقال ان من البيان لسحرا وان من الشعر لحكما- أخرجه أبو داود- وروى مسلم عن عمر ابن الشريد عن أبيه قال ردفت وراء النبي صلّى اللّه عليه وسلم يوما، فقال هل معك من شعر أمية بن الصلت شيء، قلت نعم، قال هيه، فأنشدته بيتا فقال هيه، ثم أنشرته بيتا، فقال هيه، حتى أنشدته مئة بيت،- زاد في رواية لقد كان يسلم في شعره- وعن جابر بن نمرة، قال: جالست رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم أكثر من مئة مرة فكان أصحابه يتناشدون الشعر، ويتذاكرون أشياء من أمر الجاهلية وهو ساكت، وربما تبسّم معهم- أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. .مطلب ما نسب من الشعر للخلفاء والأئمة وعهد أبي بكر: هذا وقد أنشد كل من الخلفاء الراشدين الشعر وكثير من الصحابة، فمن شعر أبي بكر رضي اللّه عنه قوله:إلى أبيات كثيرة ختمها بقوله: ومن شعر عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قوله: وقال أيضا: وتروى هذه الأبيات لورقة بن نوفل، ومن شعر عثمان رضي اللّه عنه: وقال عند موته رضي اللّه عنه: أما علي كرم اللّه وجهه فقد ملأ الصحف شعره، وجاء من شعر ابنه الحسن: وكان متحنيا، وللحسين والعباس وسائر بني المطلب رجالا ونساء أشعار كثيرة، لأن كلا منهم نطق به عدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، لأنه أبلغ في أمره، وقد ألمعنا إلى ما يتعلق به وما قاله صلّى اللّه عليه وسلم في الآية 99 من سورة يس المارة فراجعه، ففيه كفاية، أما أئمة الدين فجلهم يقول الشعر، فمما ينسب للشافعي رحمه اللّه قوله: ولد في مكة سنة 150 وتوفي سنة 204 هجرية ودفن بقرافة مصر، والإمام الأول أبو حنيفة ولد سنة 80 وتوفي سنة 150 ودفن بالأعظمية في بغداد، والإمام الثاني مالك بن أنس ولد سنة 95 بالمدينة وتوفي سنة 179 ودفن فيها، والإمام الرابع أحمد بن حنبل ولد سنة 164 في بغداد وتوفي سنة 241 ودفن غربي دجلة في بغداد، وكلهم رضي اللّه عنهم نزار قبورهم ويتبرك بهم، نفعنا اللّه بهم وبعلومهم وجعلنا من أتباعهم، لأنهم عبدوا اللّه كثيرا {وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} فلم يشغلهم شاغل من الشعر والعلم والعمل وغيرها عن ذكر اللّه، حتى أنهم ختموا أقوالهم وأشعارهم بذكر اللّه وخرّجوها بمدح الرسول، {وَانْتَصَرُوا} ممن اعتدى عليهم بفضل اللّه وكرمه {مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا} بأنواع العداء والهجاء والسخرية والاستهزاء {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا} من هؤلاء الكفرة وغيرهم المار ذكرهم في الآية 23 المارة فما بعدها {أَيَّ مُنْقَلَبٍ} مرجع فظيع ومصير قبيح {يَنْقَلِبُونَ} إليه بعد الموت، وبئس المنقلب منقلبهم، لأنه جهنم، أما المؤمن فنعم المنقلب منقلبه، لأنه الجنة إن شاء اللّه، ختم اللّه تعالى هذه السورة الكريمة بما يقطع أكباد المنذرين في هذه الآية العظيمة، لما فيها من الوعيد الشديد، والتهديد المهول الذي لم يبينه اللّه، وفي إبهامه دلالة على فظاعته، والإبهام في الشيء أشد بلاغة من الإظهار، ولهذا فإن أبا بكر لما عهد إلى عمر رضي اللّه عنهما بالخلافة ختم عهده إليه بها، وهذه صورة العهد حرفيا {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا ما عهد به أبو بكر بن قحافة عند آخر عهده بالدنيا وأول عهده بالآخرة في الحال التي يؤمن بها الكافر ويتقي فيها الفاجر ويصدق فيها الكاذب إني استخلفت عليكم عمر ابن الخطاب فإن يعدل فذاك ظني به ورجائي فيه وإن يجر ويبدل فلا علم لي بالغيب والخير أردت ولكل امرى مما اكتسب وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} هذا، وإن السلف الصالح يعظ بعضهم بعضا في هذه الآية الجليلة المهيبة، وهي محل الوعظ منذ نزولها وإلى أن ترفع من الأرض، قال ابن عطاء اللّه: سيعلم المعرض عنا ما الذي فاته منا. وقال غيره: ولا توجد سورة في القرآن مختومة بما ختمت به هذه، لأن هذه الآية العظيمة الرهيبة التي كان ملوك الأمويين والعباسيين يهدّدون بها من قبل الأصحاب والتابعين، ومن بعدهم العلماء حينما كانت الملوك تصغي لأقوالهم وتتبرك بدعواتهم وتتشرف بقولهم.هذا، وأستغفر اللّه ولا حول ولا قوة إلا باللّه العلي العظيم، وصلى اللّه على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا. اهـ. .فصل في الوقف والابتداء في آيات السورة الكريمة: .قال زكريا الأنصاري: سورة الشعراء:مكية إلا قوله: {والشعراء} إلى آخرها فمدني.طسم تقدم الكلام عليه في سورة البقرة المبين كاف مؤمنين حسن وكذا خاضعين معرضين كاف وكذا فقد كذبوا يستهزؤن تام كريم حسن ان في ذلك لآية هنا فيما يأتي كاف وكذا مؤمنين وقال أبو عمرو في الثاني تام قوم فرعون حسن وقال أبو عمرو كاف ألا يتقون حين ان يكذبون حسن لمن قرأ: {ويضيق صدري} بالرفع وليس بوقف لمن قراه بالنصب عطفا على يكذبون لساني جائزان يقتلون حسن كلا تام مستمعون بني إسرائيل حسن وكذا من الكافرين من الضالين كاف من المرسلين حسن ان عبدت بني إسرائيل تام ومارب العالمين حسن وكذا موقنين تستمعون كاف وكذا الاولين ولمجنون ويعقلون ومن المسجونين وبشيء مبين من الصادقين ثعبام مبين جائز للناظرين حسن فاذا تأمرون كاف وأخاه جائز سحار عليم يوم معلوم مفهوم هم الغالبين كاف نحن الغالبين صالح لمن المقتربين كاف ملقون صالح لنحن الغالبون حسن يأفكون كاف وهرون حسن قبل أن آذن لكم مفهوم عملكم السحر حسن فلسوف تعلمون كاف أجمعين صالح لاضير حسن وكذا منقلبون أول المؤمنين تام متبعون كاف وكذا حاشرين وحذورن ومقام كريم حسن ان كان المعنى في كذلك أي كذلك فعلنا بهم وان كان المعنى تركوا تلك الجنات والعيون والكنوز كما وخرجوا طلب موسى علية الصلاة السلام فالوقف على ذلك وهو تام والشرط في الوقفين والقف الآتي ان يجعل الضمير الاول في فاتبعوهم لموسى ومن معه والثاني فيه لفرعون وقومه فان عكس لم يحسن الوقف على شيء منها بني إسرائيل حسن وكذا مشرقين وانا المدركون وقال كلا وقال أبو عمرو في الاول والثالث تام سيهدين تام بعصاك البجر صالح العظيم كاف وكذا ثم الآخرين أجمعين صالح حسن مؤمنين كاف الرحيم تام ما تعبدون كاف وكذا عاكفين ويضرون ويفعلون والأقدمون الأرب العلمين صالح وان كان ما بعده نعتا للعالمين لانه رأس آية يهدين كاف وكذا يسقين ويشفين ويحين ويوم الدين بالصالحين صالح وكذا في الآخرين وجنة النعيم الضالين بقلب سليم كاف للمتقين صالح وكذا للغاوين تعبدون رأس آية ولا يوقف عليه من دون الله حسن او ينتصرون صالح أجمعون كاف برب العالمين وكذا حميم من المؤمنين حسن أكثرهم مؤمنين كاف الرحيم تام المرسلين وكذا تتقون وأمين وأطيعون كاف من أجر صالح للعالمين كاف وأطيعون حسن الارذلون كاف يعملون صالح وكذا يشعرون والمؤمنين نذير مبين كاف وكذا من المجرمين وفتحا ومن المؤمنين والمشحون الباقين حسن مؤمنين كاف الرحيم تام المرسلين صالح وكذا تتقون وأمين وأطيعون كاف من اجر صالح العالمين حسن وكذا تخلدون وجبارين وأطيعون كاف وقال أبو عمرو تام وعيون كاف وكذا يوم عظيم والواعظين وبمعذبين فأهلكاهم حسن مؤمنين كاف الرحيم تام المرسلين صالح وكذا وأمين وأطيعون كاف من أجر صالح العالمين كاف آمنين جائز هضيم صالح فرهين كاف وكذا أطيعون ولا يصلحون من المسحرين صالح مثلنا كاف وكذا الصادقين ومعلوم وعظيم العذاب حسن مؤمنين كاف الرحيم تام المرسلين صالح وكذا تتقون وأمين وأطيعون كاف من أجر صالح العالمين كاف من العالمين ليس بوقف من أزواجكم جائز عادون كاف وكذا من المخرجين ومن القالين مما يعملون صالح وكذا في الغابرين الآخرين كاف وكذا مطر المنذرين حسن مؤمنين كاف الرحيم تام المرسلين صالح وكذا تتقون وأمين وأطيعون كاف من أجر صالح رب العالمين حسن من المخسرين مفهوم وكذا المستقيم وأشياءهم مفسدين حسن الأولين كاف من المسحرين صالح لمن الكاذبين مفهوم من الصادقين كاف وكذا بما تعملون يوم الظلة صالح عظيم حسن مؤمنين كاف الرحيم تام رب العالمين صالح عربي مبين حسن الأولين تام بني إسرائيل حسن به مؤمنين كاف وكذا المجرمين الاليم جائز وكذا ألا يشعرون منظرون كاف يستعجلون حسن يتمتعون كاف منذرين تام وأتم منه ذكرى ظالمين حسن يستطيعون كاف وكذا المعزولون من المعذبين حسن الاقربين صالح من المؤمنين كاف مما تعملون تام في الساجدين كاف العليم تام الشياطين كاف وكذا أثيم السميع جائز كاذبون حسن.الغاوون تام وكذا من بعدما ظلموا وآخر السورة. اهـ.
|